L’équipe « Tunisnews » s’acharne d’apparaître comme une équipe neutre à propos de tous ce qu’elle publie souvent sur tous les niveaux. Elle s’est engagée récemment de respecter ce principe quand elle a décidé de faire connaître au peuple tunisien, les différents points de vues des intellectuels vis-à-vis à un très vieux conflit religieux, c’est celui du chiisme et du sunnite. Mais sous le prétexte q’elle a constaté que le polémique est allé trop loin et pour éviter de semer l’émeute « Fitna » entre les musulmans, elle a pris une décision arbitraire de ne pas publier n’importe quel article ayant rapport avec le polémique chiite-sunnite. Deux ou trois jours après, elle a repris la publication de tous les articles écrits par des écrivains sunnites, dont des articles qui attaquent clairement tous ceux qui suivent l’école des Imams et elle s’abstient de publier la plupart des articles des disciples des la voie Imâmite. Elle sélectionne quelques articles qui ne les gênent pas et surtout ceux qui ne montrent pas la faiblesse de la pensée de l’école des califes. Elle ignore, alors la majorité des articles des écrivains chiites et surtout ceux qui présentent les Imams de la famille du prophète la paix sur eux tous, les considèrent infaillibles et font connaître leurs tragédies impardonnables que les sunnites préfèrent dissimuler durant toute l’histoire musulmane. Cette agression m’est arrivée personnellement des dizaines de fois depuis que j’ai pris connaissance de ce journal électronique. Et pour dépasser cet obstacle et exercer mon plein droit légitime, le droit de la liberté de pensée et de l’expression j’étais obligé d’écrire sous différents noms. A l’occasion de Achoura, j’ai envoyé samedi 27 janvier 2007, un article intitulé « à l’occasion du martyre de l’Imam El-Houssein » ci-joint, pour le publier mais en vain. Le lundi 29 janvier je leur envoyé un article intitulé « Appel à la coexistence pacifique entre les frères d’une religion unique et pays unique » ci-joint. Vu cette mesure, inacceptable j’ai décidé de chercher refuge ailleurs et d’envoyer cette contestation et les articles ci-joints à votre journal et vous demander de les publier dès que possible. Avec mes meilleurs considérations HAMDOUNI MOHAMED Paris le 31 janvier 2007

في ذكرى استشهاد الإمام الحسين بحلول شهر محرم الحرام من كل عام يحيي أتباع مدرسة أهل البيت في جميع أنحاء العالم ذكرى عاشوراء الأليمة بإقامة مجالس العزاء فتقدم فيها المحاضرات وتستعرض فيها مسيرة الحسين بن علي ابن أبي طالب وتلقى فيها القصائد الشعرية والمرثيات وتستخلص منها الدروس والعبر .... وبهذه المناسبة الأليمة رأيت من الواجب علي كإنسان أعشق الحسين بن علي وأهل بيته الطيبين الطاهرين أن أكتب هذا المقال المتواضع في هذه الذكرى راميا من خلال ذلك إلى توضيح بعض ما جعلني أعشق هذه الشخصية العظيمة. ما من مسألة أو أمر نبيل خطر ببالي خلال مسيرتي في التعرف على الأمام الحسين، إلا وكان لهذه الشخصية المكانة العظمى والمنزلة الرفيعة، عند الله تعالى ومن ثم عند سائر البشر وبذلك وذلك فقط ندرك السبب الذي أهله لأن يكون أحد شباب أهل الجنة كما أخبر بذلك الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم. فقد حوت شخصية الإمام الحسين كل ما نادت به الرسالات السماوية ودعت أو تدعو إليه القوانين والأعراف والمنظمات الإنسانية. فقد حاز العلم والحلم والمعرفة، والحكمة والفقه والتقوى والورع والجهاد، والشهادة، والمحبة، والإخلاص، والتفاني، والعبرة، والعدل، والتضحية... وما لا يحصى ولا يعد من الشمائل والخصائص. وكما لا يخفى على أحد أن الإلمام بكل جوانب هذه الشخصية العظيمة لا تتسع إليه الموسوعات والدوريات فضلا عن الكتيبات أو المقالات. ولهذا سأكتفي في هذه الخاطرة باستعراض بعضا من الأمور المتعلقة بالأسباب التي أدت إلى استشهاد هذا الإمام في العاشر من المحرم سنة 61هـ واستخلاص بعض العبر منها. من المعلوم أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أرسى نظام مجتمع قائم على عدة ركائز من أهمها : أولا. العبودية المطلقة لله تعالى... العبودية لله في بناء المجتمع و إرساء العلاقات الاجتماعية بين الناس، العبودية لله في إقامة نظام الحكم وفي نظام الحياة. العبودية لله في العمل الفردي والعمل الجماعي كغيرها من العبودية لله في الصلاة والصيام وسائر الفروض الأخرى. عبودية خالصة من كل الشوائب وخالية من كل الشبهات... ثانيا : المعرفة الكاملة للمجتمع ومتطلبات إقامته ومستلزمات تسيير شؤونه ومعرفة المجتمعات المجاورة وكيفية التعامل معها والإحاطة بكل العلوم والفنون كغيرها من معرفة الله والرسول ومعرفة سائر شؤون الدين، والأحكام والتكاليف... ثالثا : العدالة التي لا محاباة فيها ، العدالة ـ لا فيما يتعلق بحقه الشخصي إذ كان صلى الله عليه وآله وسلم يعفو عن حقّه ـ بل العدل التام فيما يتعلَّق بعامة الناس في جميع شؤون الحياة العامّة، في الحرب والسلم ومع المسلم والمشرك. وكذا العدالة في تطبيق حدود الله. وفي توزيع المناصب وتفويض المسؤوليات, وتحمّل المسؤولية. فقد كان العدل حينذاك عدلاً مطلقاً لا تشوبه شائبة، ولم يكن فيه استثناء لأي شخص يجعله خارج إطار العدالة. رابعا : التآخي الكامل والمحبة الصادقة والعاطفة الفيّاضة التي أضحت بلا منازع من السمات الأساسية للمجتمع الإسلامي. لقد رسم الرسول هذه الخطوط العريضة وأرسى ركائز المجتمع على أساسها, ووضع معالم الحكومة عشر سنوات على هذا المنوال. وبذل قصارى جهده على امتداد هذه السنوات لترسيخ تلك الأسس، والعمل على مد تلك جذور في أعماق المجتمع. وعلى هذا الأساس ـ وباستثناء بعض الحوادث بين الفينة والأخرى ـ استمرت عامة الأمور من بعد رحيله صلى الله عليه وآله وسلم. ومن البديهي أن فترة عشر سنوات في حياة الشعوب والحضارات تعتبر قصيرة جداً خاصة إذا ما أريد بها تربية الناس على خلاف ما كانوا قد ترعرعوا عليه من سجايا وخصائص، كما هو الحال في المجتمع الجاهلي الذي كان على النقيض تماماً من مضامين هذه الركائز في كل شؤونه. لذلك لم يدم الوضع طويلاً على تلك الحالة, فكلما كان الوقت يمضي كان المجتمع الإسلامي ينحدر تدريجياً نحو الضعف والخواء. فلم يمض بعد نصف قرن على رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى كادت تلك الركائز ـ التي على أساسها أشاد النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقضائي... ـ كادت تنقرض وتنمحي من حياة الناس... وشخص عظيم كشخص الأمام الحسين الذي كان تجسيداً لكل القيم الإلهية والإنسانية وتربى في أحضان النبوة ونهل من شربها الصافي أبى على نفسه أن يقبل هذه النتيجة ورفض الاستسلام للواقع. لقد أحسن تشخيص الوضع وتحديد الوظيفة الرئيسية من بين الوظائف المتنوعة الواجب القيام بها في وقت حسّاس جداً من تاريخ الإسلام وأنجزها " أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي". لقد حدد العدو الرئيسي ولم يخطئ أو يشتبه في إدراك خطره على العالم الإسلامي في ذلك اليوم وعمل على مجابهته. لقد أوضح في بيانه للجميع أن أهم وظائف العالم الإسلامي في تلك الظروف هو الصراع مع رأس القوة الطاغوتية والإقدام على إنقاذ الناس من سلطتها الشيطانية . لقد كانت الأولوية في تلك الآونة هو الصراع مع الجهاز الحاكم الذي هو منشأ كل المفاسد. " أيها الناس أن رسول الله قال : من رأى سلطاناً مستحلاً لحرم الله ناكثاُ بعهد الله.. فلم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقاً على الله أن يدخله مدخله". فنهض رافضا للظلم والظالمين ووقف بوجه استشراء الانحطاط وضحى من أجل القيم الإلهية بنفسه وبأحبائه وبأبنائه وإخوته وأصحابه... ولسائل أن يتساءل ما الذي حدث بعد خمسين سنة من وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بحيث وصل الحد إلى أن يضطر مثل الإمام الحسين إلى أن يضحي هذه التضحية التي لم تعرف لها البشرية نظيرا. في الجواب على هذا السؤال أقول باختصار إن المجتمع الإسلامي الذي كان يعلو في مسجده وشوارعه صوت تلاوة القرآن ويعظ فيه شخصية كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم الآيات الناس ويقودهم إلى الصراط القويم. إن المجتمع الذي كان النبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلم حاكماً له في مكة والمدينة وبلغ علمه وعمله وعدله وإنصافه مشارق الأرض ومغاربها. حلت بهذا المجتمع وخلال خمسين سنة فقط المصائب والدواهي العظمى. لقد استشرى الفساد في نظام الحكم القائم من القمة إلى القاعدة وتحولت المدينة المنورة التي كانت القاعدة الأولى لتأسيس الحكومة الإسلامية إلى مركز لأفضل الموسيقيين والمغنين وأشهر الراقصات وأصبحت مركزاً للفساد والفحشاء, ووقع أبناء الشخصيات والأعيان في هذا المستنقع العفن. ولم تنفرد المدينة المنورة بهذا الوضع، بل جرى على مناطق أخرى ما جرى عليها... باختصار، لقد حل بالمجتمع الإسلامي ما صدق عليه قوله تعالى " فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا " مريم 59 أمام هذه الأوضاع لم يكن للأمام الحسين الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم "حسن مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا". لم يكن له إلا خيار واحد. ألا وهو القيام بواجب إصلاح المجتمع الذي بناه جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم، سواء أدى ذلك إلى الإطاحة بالحكومة القائمة أو الشهادة في سبيل الله. "إني ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنما خرجت أريد الإصلاح في أمة جدي" هكذا كان يردد الإمام الحسين. فلم يكن هدف ثورة الإمام الحسين هو إسقاط الحكومة الفاسدة وإقامة حكومة بدلها. ولم يكن هدفه أن يقتل في سبيل الله ويفوز بالشهادة بل كان للإمام الحسين هدف آخر, كان الوصول إليه يتطلب طريقاً وحركة تنتهي بإحدى النتيجتين : الحكومة أو الشهادة, وكان الإمام مستعداً لكلتا النتيجتين, فقد أعدّ مقدمات الحكم وكذا مقدمات الشهادة, فإذا تحقق أي منهما, كان صحيحاًَ. إن هدف ذلك العظيم كان أداء واجب عظيم من واجبات الدين. واجب يحتل مكاناً مهماً في البناء العام للنظام الفكري والقيمي والعملي للإسلام. كان ينبغي على الإمام الحسين القيام بهذا الواجب ليكون درسا على مرّ التاريخ , مثلما أن تأسيس النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحكومة الإسلامية أصبح درساً على مر تاريخ الإسلام, ومثلما أصبح جهاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سبيل الله درساً على مرّ تاريخ المسلمين وتاريخ البشرية إلى الأبد, فكان ينبغي أن يؤدي الإمام الحسين هذا الواجب ليصبح درساً عملياً للمسلمين على مر التاريخ. لقد كان خروج الإمام الحسين إذا انصياعا لأمر من أوامر الله القائل : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" المائدة 54. هذا إذا السبب الرئيس الذي من أجله ضحى الإمام الحسين بنفسه وأهله وأصحابه. لقد قدم كل ذلك قربانا إلى الله تعالى ليبقى المجتمع الإنساني ، لقد ضحى بنفسه وبكل من كان معه ليعيد للإسلام مكانته وللدين هيبته... أفلا يحق لشخص كان هذا ديدنه وكان هذا هدفه وكانت هذه تضحيته أن يكرّم ويعزز؟؟؟ وبالنتيجة ألا يجب على كل إنسان عاقل أن يعشق الحسين؟؟؟ واليوم وبعد أكثر من ألف وثلاثة مائة سنة على هذه الحركة المحمدية ـ الحسينية وما جرى فيها من أحداث وما وقع فيها من الدروس نقف متسائلين ما هي العبرة التي نستشفها من واقعة عاشوراء واستشهاد ابن بنت النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. قد يعجز المرء عن إحصاء كل الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من واقعة عاشوراء وما لحق بها من أسباب ونتائج، غير أنه لا محالة قادر على أقل تقدير أن يستشف معي من خلال العرض الموجز السابق العبرة التالية : مثلما لم يشرع الإمام الحسين في حركته ونهضته إلا بعد أن فقه الواقع بكل حيثياته وحدد الأولويات بكل دقة وقدم الواجب الأهم على المهم في الوقت المناسب. فإنه من الواجب على الإنسان العاقل أن لا يغفل هذه الخطوة في كل أموره خصوصا فيما يتعلق بالمجتمع وهويته الإسلاية. ففي كل عصر ومصر هناك خطر وعدو وجبهة خصم تهدد الإسلام والمسلمين فيجب على كل من يتصدى لشأن من شؤون المسلمين أن يعرف عدوه الرئيس، ولا يشتبه عليه أمره، وإلا عرض المصالح الإسلامية والمصالح الجماعية إلى الخطر الجسيم والخسران المبين... فيا من أنت قائم على شأن من شؤون المسلمين ويا من أنت متصدر لمهمة إصلاح المجتمع ويا من أنت متصد للدعوة ويا من أنت حريص على مصلحة الإسلام والمسلمين ويا من أنت تبتغي مرضاة الله ورسوله ويا من أنت تسعى لإعلاء شأن المسلمين اعمل العقل وحكم الشرع وانظر فيما مضى من تاريخ المسلمين وأحداث الإسلام واستخلص الدروس والعبر وحدد عدوك ولا تختلط عندك الأوراق ولا تشتبه عليك الأمور فتقع في المحذور وتسود تاريخك وتسيء من حيث أردت أن تحسن. فرب حركة مرتجلة لم يحاط بجميع حيثياتها وجوانبها انزلقت بسببها مجتمعات برمتها إلى أسفل الدرجات. وقد تقود حركة أخرى محكمة إلى تغيير وجه التاريخ وليس أدل على ذلك من حركة الإمام الحسين التي هزت عروش الطغاة وأنقذت الدين الإسلامي من الضياع الحتمي. ولمثل هذا الأمر خلق الله الحسين وغيره. أميري حسين ونعم الأمير سرور فؤاد البشير النذير

بقلم/ محمد المحسن حمدوني acte114@yahoo.fr

دعوة للتعايش بين إخوة الدين الواحد وأبناء البلد الواحد

تحاول أسرة تونس نيوز المحترمة، الظهور بمظهر المحايد فيما ينشر على صفحاتها من أخبار، محلية وقطرية وعالمية، ومن آراء وأفكار ومواقف سياسية واجتماعية واقتصادية، لكل من هب ودب، حتى ما كان منه خارجا عن إطار قناعاتها. وكان هذا هو حالها في ما طرح من مسائل حول الاختلاف المذهبي خصوصا بين ما يتبناه جزء لا يستهان به من المسلمين من أتباع مدرسة أهل بيت النبوة، ومواقف جمهور المسلمين من أتباع مدرسة الخلفاء الراشدين. لكنها سرعان ما تتنكب الطريق وتتراجع عن موقفها هذا باتخاذ قرار تعسفي تعلن فيه التوقف عن نشر هذا النوع من المقالات بدعوى أنه مثير للضغائن والفتن والأحقاد بين المسلمين. وسرعان ما تفاجئنا وتتراجع عن هذا الموقف. فتنشر ما يحلو لها وتحجم عن آراء لا تروق لها. ويعزى ذلك بالأساس إلى رغبة جامحة منها في تعريف القارئ ببعض الشبهات التي تلحق بمذهب أهل البيت، عليهم السلام وفي المقابل تتجنب نشر ما يخدش في فكر ومسلك وقناعات مدرسة الخلفاء. وإذا ما انبرى من يرد على هذه التهم والشبهات تراها تلجأ بسرعة إلى الإجراء المعهود والإعلان عن إيقاف نشر المقالات وتتكرر العملية بين الفينة والأخرى. وهذا لعمري لهو المكيال بمكيالين وهو ما لا يليق بمن ينادي بحرية التعبير واحترام الرأي الآخر. ويتبنى الانفتاح على مختلف شرائح المجتمع التونسي ويدعي فسح المجال أمام الجميع للتعبير عن قناعاتهم ومواقفهم. ومن المفارقات العجيبة أننا فعلنا نقرأ على صفحات هذه النشرية آراء كل شرائح الشعب التونسي بما في ذلك بعض رجالات النظام التونسي. لكن الأمر يختلف بشكل واضح عندما تعرض آراء معتنقي مذهب أهل البيت عليهم السلام في تونس. وقد جرى هذا الأمر معي أنا شخصيا عشرات المرات إن لم يكن المئات منذ عرفت هذه النشرية وكان آخرها مقالا بعنوان : "في ذكرى استشهاد الإمام الحسين". أرسلته للنشر منذ يوم السبت وامتنعت تونس نيوز عن نشره. وللعلم فإن هذا المقال لم يكن فيه ما يثير الفتن ولم أتعرض فيه للتشهيرأو التنديد بأي كان لا من قريب ولا من بعيد. فلا جرم لهذا المقال إلا أنه يتحدث عن أسباب قيام الإمام الحسين بحركته التي أدت إلى استشهاده واستشهاد أبناءه وإخوته وأصحابه، واستخلاص العبر والدروس منها. فمما جاء في المقال مثلا " مثلما لم يشرع الإمام الحسين في حركته ونهضته إلا بعد أن فقه الواقع بكل حيثياته وحدد الأولويات بكل دقة وقدم الواجب الأهم على المهم في الوقت المناسب. فإنه من الواجب على الإنسان العاقل أن لا يغفل هذه الخطوة في كل أموره خصوصا فيما يتعلق بالمجتمع وهويته الإسلاية. ففي كل عصر ومصر هناك خطر وعدو وجبهة خصم تهدد الإسلام والمسلمين. فيجب على كل من يتصدى لشأن من شؤون المسلمين أن يعرف عدوه الرئيس، ولا يشتبه عليه أمره، وإلا عرض المصالح الإسلامية والمصالح الجماعية إلى الخطر الجسيم والخسران المبين..."

وهذه الممارسة الاقصائية وأمثالها اضطرتني في مرات عديدة إلى ممارسة التقية والكتابة تحت أسماء متعددة. هذا ما جرى مع فرد واحد، فكم بلغ يا ترى عدد الحالات التي مارست فيها أسرة تونس نيوز هذا الإجراء مع أناس آخرين؟؟؟ في كل عصر وفي كل مصر تصادر حرية كلمة أتباع مدرسة أهل بيت النبوة. ويمنعوا من التعبير عن آراءهم بل ويحرموا حق الرد ودفع الشبهات والمظالم التي تسلط عليهم. هذا الحق الذي تكفله القوانين والأعراف الإنسانية فضلا عن الشرائع السماوية. ولما كان التفكير والاعتقاد حق طبيعي ولما كان التعبير عن هذه الآراء والمعتقدات حق طبيعي كذلك يتمتع به كل إنسان عاقل مهما بلغت القيود وتعددت الموانع، اضطر أتباع مدرسة أهل البيت على مر التاريخ إلى ممارسة هذا الحق خفية وابتداع ما اصطلح عليه بالتقية. فعلى من يلقى اللوم في ممارسة التقية؟ فهل يلام على ذلك من أراد ممارسة أبسط الحقوق المشاعة بين الناس والتعبير عن آراءهم وأفكارهم ومعتقداتهم وسياساتهم كسائر البشر مع الحفاظ على أنفسهم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم؟ أم هل ينوح باللائمة على من صادر حق التفكير وحق التعبير وحق العمل وحق العيش ومارس الوصاية وكتم الأفواه وأخرس الألسن وكبل الأيدي واضطهد ونكل وروع الآمنين واستباح الأبرياء والأعراض والأموال والفتك بكل من عارضه وخالف آراءه. وبعد هذا وذاك تسمع بين الفينة والأخرى أصوات تتعالى من هنا وهناك تندد بممارسة التقية وتشهر بمعتنقيها. متناسين أن التقية ليست إلا نتيجة ولا تزول النتيجة إلى بزوال السبب. فما من إنسان ذي عقل سليم ومنطق حكيم إلا ويبادر إلى معالجة سبب الداء لا النتيجة. أرأيت لو أن طبيبا بادر إلى مداواة ورم ظهر على جسم ما ولم يعمد إلى استئصال المرض من جذوره هل تراه يفلح في علاج ذلك المريض؟ كذلك هو حال من يلوم ويشجب ويندد وربما حتى يفسق ويكفر متبني التقية ويضع شرطا من شروط التعايش في الوطن الواحد والزمان الواحد التخلي عنها. ولا يبادر بل ولا يكلف نفسه حتى عناء التفكير في السبب الذي يدفع المرء إلى ممارسة التقية. فإذا استجاب أتباع مدرسة أهل البيت إلى نداء الكلمة الواحدة لنبذ الفرقة والفتنة والتعصب واستعدوا للتخلي عن التقية. فهل أنتم مستعدون إلى معاملتهم كبشر لهم حقوقهم كباقي الأقليات حقوق التفكير والاعتقاد والتعبير ورد التهم والافتراءات؟ ها أنا ذا أجيبكم إلى الكلمة السواء التي دعا إليها القرآن الكريم ونشرتم مقالا حولها للأخ رضا المشرقي - ايطاليا. ولا أدل على الاستجابة هذه من إعلاني الصريح هذا عما أتبناه ومنذ ما يزيد عن عقد من الزمن لفكر أهل بيت النبوة عليهم السلام منهجا وعقيدة وفكرا وسياسة، ونظام حياة ... ولا يعني ذلك إتباعي الأعمى لكل ما ترويه فرق الشيعة. بل مثلما التزمت الموضوعية والمنطق العقلي في ترك مذهب ـ ولا أقول دين ـ الأجداد والآباء والخلان وأبناء الحركة الواحدة وطريقة ومنهج مدرسة الخلفاء، واتباع مذهب أهل بيت النبوة ابتداء من الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام إلى الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، الذين عناهم الله تعالى بقوله : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ*وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ". . ومن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا محمد المحسن عبد الحفيظ حمدوني أبو حسين التونسي. الطالب للجوء السياسي بفرنسا منذ سنة 2002. والمتحصل على شهادة الأستاذية في العلوم الإسلامية من المعهد الأعلى للشريعة بتونس، والناشط سابقا في حركة الاتجاه الإسلامي وحركة النهضة. والممثل السابق للطلبة بمجلس المعهد الأعلى للشريعة التابع لجامعة الزيتونة في تونس. أعلن للجميع أني ملتزم كما هو دأبي دائما بعدم التشهير أو التنديد بمقدسات إخواني من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى. داعيا جميع المسلمين في القطر الحبيب تونس وعلى رأسهم الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ومن بعده أبناء الحركة قاطبة إلى التعامل مع أتباع مدرسة أهل البيت في تونس كإخوة لهم في الدين والوطن وكغيرهم من مكونات المجتمع التونسي، لهم حقوق وعليهم واجبات والابتعاد عن تسفيههم والاستخفاف بهم وتجنب نعتهم بأشنع التهم ووصفهم بـ "الحفنة" . واحترام معتقداتهم وآراءهم. لتجنب الفتنة النائمة، والعمل جنبا إلى جنب لما فيه مصلحة العباد والبلاد. فما أحوج أمتنا اليوم إلى تضافر الجهود ولم الشمل وتوحيد الصفوف والتوجه للبناء والإشادة. ولا يفوتني أن أنوه بعلاقة الاحترام التي قامت ولا تزال بيني وبين الأخ الفاضل الحبيب المكني القيادي في حركة النهضة، وزوجته سوسن الصدفي، رغم علمهم ـ ومنذ عرفتهم ـ بما أحمل من أفكار ومعتقدات. فلم يعملا على إقصائي ولا على نبذي بل عملا بعكس ذلك على فتح أبواب صدريهما كما فتحا أبواب مؤسستهما وبيتهما أمامي وأمامي عائلتي ووقفا إلى جانبي وجانب أسرتي في الوقت الذي ضرب فيه غيرهم حصارا شديدا من حولنا وتخلى فيه الجميع عنا، بمجرد أن اشتموا منا رائحة الموالاة لأهل بيت النبوة سلام الله علهم، منذ حل بنا الركب في بريطانيا أو في فرنسا. فقد ابتعدا ـ المكني وزوجته ـ عن ممارسة الوصاية باسم الدين وتجاوزا حدود الجماعة وانفتحا علينا وتخلا عن النظرة الحزبية الضيقة. وأشعرانا بدفء الأخوة ... وهو ما عبرت عنه صراحة للأخ المكني في إحدى المرات قائلا له : "تعتبر يا سي لحبيب حالة نادرة ولو تحلى الجميع بما تجسده من دماثة الخلق وحسن المعاملة لكانت الأمة الإسلامية بخير". فأجابني بقوله : "لا تقل ذلك فأصحاب الخير كثير". فأسأل الله تعالى أن يكون من أمثال الحبيب المكني كثير في حركة النهضة خصوصا وفي تونس عموما... فلماذا يا إخوة الدين الواحد ويا أبناء الوطن الواحد لا نعمل كلنا على بناء مثل هذه العلاقة القيمة التي تصلح بحق أن تكون أنموذجا يحتذى به. ونبتعد عما يثير الضغائن والأحقاد ويؤجج نار الفتن الخبيثة والطائفية المقية فيحل بالجميع غضب الله ومن يحلل عليه غضب الرحمان فأنا له بالنجاة بعد ذلك. " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ". وفي الختام أجدد دعوة الجميع إلى احترام الرأي والرأي الآخر وإتاحة الفرصة لجميع الفرقاء للتعبير عن آراءهم في كنف الاحترام الكامل للآخر مهما كانت معتقداته وتنوعت توجهاته واختلفت مشاربه. ولا نمارس ما نستنكره على غيرنا من قمع للتعبير الذي لا يولد إلا الانفجار. وفق الله الجميع لما فيه الصالح العام والرفعة والمنعة للإسلام والمسلمين، في بلدنا العزيز تونس، وفي جميع أقطار المعمورة. بقلم/ محمد المحسن حمدوني acte114@yahoo.fr باريس 29 يناير/ جانفي 2007 م العاشر من محرم 1428 هـ